قال الراغب الأصفهاني : فَسَقَ فلان : خَرج عن حجر الشّرع ، وذلك من قولهم : فَسَقَ الرُّطَبُ ، إذا خرج عن قشره . وهو أعمّ من الكفر . والفِسْقُ يَقع بالقليل من الذّنوب وبالكثير ، لكن تُعُورِف فيما كان كثيرا ، وأكثر ما يقال الفَاسِقُ لمن الْتَزَم حُكْم الشّرع وأقـرّ به ، ثمّ أخلّ بجميع أحكامه أو ببعضها ، وإذا قيل للكافر الأصليّ : فَاسِقٌ ، فلأنّه أخلّ بِحُكْم ما ألْزَمه العقل واقتضته الفطرة .
وقال أيضا : والفُجُورُ : شقّ ستر الدّيانة ، يقال : فَجَرَ فُجُوراً فهو فَاجِرٌ ، وجمعه : فُجَّارٌ وفَجَرَةٌ ... وسُمِّي الكاذِب فاجِرا لكون الكَذب بعض الفجور .
وقال : وعَصَى عِصْيَانا : إذا خرج عن الطاعة ، وأصله أن يتمنّع بِعَصَاهُ . اهـ .
والمعصية أعَمّ من ذلك ، فهي تُطْلَق على المعاصي الكبيرة وعلى المعاصي الصغيرة ، وتُطْلَق على مُجرّد المخالفة لأمْر الله ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، مما هو معصية ، ولو لم يصِل إلى حدّ الفسوق ، كما قال الله تعالى عن أبينا آدم عليه الصلاة والسلام : (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) .
وقد تُطْلَق المعصية على الكُفر ، كما في قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) ، وقوله سبحانه وبحمده : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) .
وقال شيخنا د . ناصر العقل وفقه الله :
المعصية والفسق والفجور كلمات مُتَرَادِفَة تُؤدِّي غَالِبًا إلى معنى واحد ، والفروق بينها قليلة ؛ فالمعصية أهم هذه المصطلحات ، فهي تشمل الكبائر والصغائر ، والْفِسْق أخصَ مِن المعصية ، وقد يُفَسَّر بها، فَالْفِسْق هو معصية الله وترك أمره ، لكن غالبا يكون الفسق في فِعل الكبائر وترك الواجبات ، والفجور أخص منها فهو مِن قبائح الذنوب ، وعظائم المعاصي ، وهتك الحرمات .
والله تعالى أعلم .
[/i]